نداء من الجميّل إلى ماكرون: لعدم تكرار أخطاء الماضي

صدر عن النائب نديم الجميّل نداء إلى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، جاء فيه:

"فخامة الرئيس، بينما تستعد فرنسا لإستضافة "المؤتمر الدولي لدعم الشعب والسيادة في لبنان" في باريس، أوجه إليكم هذا النداء العاجل. من الضروري أن لا ينتهي هذا الاجتماع بعودة إلى الوضع الراهن الذي أغرق لبنان في عقود من عدم الاستقرار والانقسامات والجمود والتفكك التدريجي للدولة".

وتابع:" على مدى الأربعين سنة الماضية، فقد لبنان سيادته وأصبح مجرد شبح دولة، حيث كانت القرارات الاستراتيجية والمصيرية تملى علينا من خارج حدودنا - أولاً من ياسر عرفات، ثم من عائلة الأسد في سوريا، وأخيراً من الملالي في إيران. هذه الخيارات، التي اتخذت لصالح قوى خارجية، لم تأخذ في الاعتبار رفاهية الشعب اللبناني. في نظر المجتمع الدولي، كان هذا الكيان الدمية يُعتبر محاوراً شرعياً، في حين أنه لم يكن يمتلك أي سلطة حقيقية. على مدى أربعة عقود، تم تحويل الدولة اللبنانية وجزء كبير من شعبها إلى رهائن، بل وحتى دروع بشرية. حان الوقت لوضع حد لهذا الوضع لضمان السلام في المنطقة وداخل لبنان."

وأضاف الجميّل:" فخامة الرئيس، إن المأساة التي يمر بها لبنان تشكل فرصة فريدة لتغيير مسار تاريخنا وقطع الصلة نهائياً مع الهيمنة التي كانت قائمة حتى 6 تشرين الأول 2023، عندما كان حزب الله لا يزال يفرض هيمنته بالقوة والترهيب. اليوم، يقف لبنان عند مفترق طرق: الحرب بين حزب الله وإسرائيل، التي تفاقمت بسبب الأزمات الإقليمية في إسرائيل/فلسطين وسوريا، تهدد بشكل خطير استقراره. إن الإجراءات الشجاعة والحاسمة وحدها يمكن أن تؤسس لسلام دائم.

لذلك أدعوكم، بمناسبة "المؤتمر من أجل لبنان" الذي سيعقد في باريس، إلى النظر في المقترحات التالية، التي تعتبر ضرورية لفتح الطريق نحو خروج نهائي من الأزمة، في إطار الجهود التي تبذلها فرنسا والمجتمع الدولي:
- المطالبة بنزع سلاح حزب الله وجميع الفصائل المسلحة - الفلسطينية وغيرها - التي لا تزال نشطة في لبنان، وفقاً لقرار الأمم المتحدة رقم 1559 واتفاق الطائف لعام 1989، مع تسليم الدولة اللبنانية جميع الأسلحة غير القانونية والميليشياوية.
- فرض فصل واضح بين لبنان وجميع الأوضاع الإقليمية (غزة، العراق، اليمن، وإيران)، بإنهاء الدعم العسكري لحزب الله، الذي يأتي بشكل رئيسي من إيران.
- تعزيز سلطة وقدرات الدولة والجيش اللبناني والمؤسسات القضائية وقوات الأمن.
- المطالبة بإنهاء جميع الأنشطة العسكرية والأمنية لحزب الله، سواء الإقليمية أو الدولية، لا سيما في اليمن وسوريا وإسرائيل/فلسطين والعراق وكذلك في دول الخليج.
- تسهيل التوصل إلى اتفاقيات مع الأطراف الرئيسية الثلاثة في الصراع في لبنان لوضع حد لأي تدخل إقليمي في لبنان، وإزالة أي ذريعة للحرب في المستقبل، وتحقيق سلام نهائي ودائم:
o مع إسرائيل: يجب على فرنسا وحلفائها أن يطالبوا بالإنسحاب الكامل لإسرائيل من الأراضي اللبنانية وإلتزامها باحترام سيادة لبنان، وفقاً لاتفاقية الهدنة لعام 1949، التي يجب أن تبقى الإطار القانوني المعتمد حتى يتم الوصول إلى عملية نحو سلام عادل ومنصف ودائم.

- مع إيران: يجب على فرنسا وحلفائها أن يطالبوا باحترام السيادة اللبنانية ورفض أي تفاوض بشأن لبنان مع إيران أو أي دولة ثالثة. ويجب على إيران أيضاً أن تتوقف عن التدخل في الشؤون الداخلية اللبنانية، وخاصة من خلال جماعات مسلحة مثل حزب الله.

- مع سوريا: يجب على فرنسا وحلفائها أن يطالبوا بترسيم جميع الحدود بين لبنان وسوريا ووضع حد للنزاع حول مزارع شبعا وتلال كفرشوبا، الذي تم استخدامه كذريعة للحفاظ على أسلحة حزب الله منذ انسحاب إسرائيل من جنوب لبنان في عام 2000.

فخامة الرئيس، يجب أن يتمكن لبنان أخيراً من انتخاب رئيس يجسد هذه الحقبة الجديدة من الحرية والسيادة والاستقلال والإصلاحات والتحديث، ويكون قادراً على الدفاع عن المصالح الحصرية للبلاد.

مهمة الرئيس الجديد للجمهورية، بدعم من المجتمع الدولي، ستكون إعادة بناء دولة لبنانية ذات سيادة، واستبدال الهيمنة السياسية والأمنية لحزب الله على البلاد. ويجب أن تكون الدولة هي الوحيدة التي تمتلك السلطات السيادية واحتكار القوة المسلحة. كما يجب على الرئيس الجديد أن يبدأ حواراً دون شروط مسبقة، يتناول بكل صدق وشجاعة جميع القضايا العالقة منذ عقود.

من الضروري البدء فوراً بالتحضير لخطة إنقاذ شاملة وإقليمية، مدعومة من المجتمع الدولي والدول العربية، على غرار "خطة مارشال" من أجل لبنان. يجب أن تشمل هذه الخطة خارطة طريق لعودة اللاجئين والنازحين، وإعادة إعمار جميع المناطق المدمرة، وتطوير وتحديث البلاد، لتجنب العودة بأي ثمن إلى الوضع الذي كان سائداً قبل 6 تشرين الأول 2023، الذي سيؤدي بلا شك إلى عودة العنف.


نحن نرفض تكرار أخطاء الماضي. لهذا السبب نسعى إلى تحقيق المساواة الحقيقية والتوازن المستدام والتعاون الصادق بين جميع المكونات اللبنانية، لكي يتمكنوا من العيش معاً بشكل دائم في سلام وحرية وانسجام. لن يكون هذا ممكناً إلا عندما تستعيد الدولة اللبنانية سيادتها الكاملة وتصبح صاحبة الحق الوحيد للعنف المشروع.

وختم الجميّل:" فخامة الرئيس، يعتمد لبنان على قيادتكم، قيادة حقيقية وليست شكلية، لضمان أن لا يكون هذا المؤتمر مجرد تكرار لأخطاء الماضي.

لقد حان الوقت للتفكير في مستقبل جديد من أجل لبنان مصالَح، طريق يقود إلى سلام دائم وعادل وازدهار مشترك".